يعني ادمون صعب جبرها بكل المقال وبالاخر كسرها بقوله: الغفران لا وجود له في الاسلام بل هناك الرحمة, وانا استغرب كيف تنشر السفير هذه الجملة لعلها سقطت سهوا, وانا أقول الاسلام يفيض غفرانا ورحمة ملأ ت الدنيا
وهذا هو المقال مع عنوان بريد ادمون صعب
أدعوك إلى مراجعة نقدية للمرحلة التي أعقبت اغتيالي في 14 شباط 2005، و19 كانون الأول 2009 يوم دخلت دمشق من «النافذة السعودية» على ما صرّحت، والتبصّر جيداً في ما سُرّب في الإعلام حول المحكمة، والذي نقلت بعضه ـ قبل التحقق من صحته ـ إلى قائد المقاومة. وهذا خطأ كبير كان ينبغي أن تستشير في شأنه قبل الإقدام عليه، من يخلصون لك من غير ذوي المصالح والنيات السيئة أمثال شريكتي وحبيبتي نازك، والرئيس سليم الحص الذي أشعر بالندم حيال ما فعلته به وقد ترفّع عن رد الإساءات وغمرك بعطفه، وكذلك الصديق الدكتور بهيج طبارة الذي أبعدته عنك تصرفات الرئيس فؤاد السنيورة، سامحه الله
.
والآن، بعد الزوغان وانحسار التحريض، أدعوك، يا ولدي الحبيب، إلى أن تفتح البصر والبصيرة في شأن ما سُرّب في الإعلام أو ما تناهى إليك حول ميل المدعي العام في المحكمة دانيال بلمار إلى توجيه الاتهام إلى عناصر من «حزب الله» بالاشتراك في عملية اغتيالي، الأمر الذي يتناقض مع كل ما بنيته مع المقاومة وقائدها واستمر حتى اللحظة الأخيرة من حياتي
.
ولئن فكّرت في أداء دور محامي الشيطان، فإني أدعوك، كما أدعو نفسي، إلى التساؤل: لماذا يريد «حزب الله» اغتيالي؟ وهل ذلك ممكن في عقيدة الحزب السياسية والدينية؟ وهل من مسوغ لمقاتل آمن بأن إسرائيل هي العدو، وأن مقاتلتها واجب شرعي لأنها تحتل أرضنا، بأن يتحول بين ليلة وضحاها إلى قاتل لرجل بريء، بل حليف، وداعم للمقاومة ومدافع عنها ومتبن لعقيدتها ولحقها في الدفاع عن أرض الوطن المحتلة. وقد ظهر ذلك جلياً في الجهد الذي بذله لإنجاز «تفاهم نيسان» عام 1996؟
ولا أظن أن الذين نصحوك بإطلاع السيد حسن نصر الله على فحوى التسريبات كانوا صادقين. وأحسبهم قد دفعوك إلى مأزق، إن لم يكن إلى مهلك للبنان.. فلو كنت مكانك لعرفت مَن أستشير، قبل أن أقرّر مفاتحة السيد نصر الله بالأمر. وكان عليك البحث عن المسرّبين وأهدافهم والطريقة التي استطاعوا بها الوصول إلى المعلومات، ثم التصرف بمسؤولية، بعد عرض الأمر على مجلس الوزراء وتوجه كتاباً إلى مجلس الأمن، بواسطة الأمين العام للأمم المتحدة، باعتبار أن المحكمة الخاصة بلبنان قد أنشأها المجلس بحسب ميثاق المنظمة الدولية. حتى إذا ثبت التسريب، طالب لبنان بمحاسبة المسؤولين عنه، وبوقف العمل في المحكمة إلى حين تعيين مدع عام جديد.
أما ذهابك إلى نصر الله ونقل قلقك إليه حيال ما سُرّب حول وجود ميل لدى النيابة العامة إلى اتهام عناصر «غير منضبطة» من «حزب الله» بالاشتراك في عملية الاغتيال، فقد كان خطأً كبيراً، يضاف إليه خطأ آخر بتكليفك نواباً في «تيار المستقبل» تكذيب الأمين العام لـ«حزب الله» والقول إنك لم تبلغه هذا الأمر صراحة بل أطلعته على سيناريوهات عدة بينها سيناريو يقول بإمكان صدور اتهام لعناصر من الحزب.
لقد كان الأولى بك، بعدما تعلمت من تجربة سيناريو اتهام سوريا، أن تنقل الحقيقة إلى نصر الله، لا التسريبات، وهو المتشوّق إلى معرفة قتلة رفيق الحريري وأن تزوره، في حال حصول إشكال أو التباس
.
بين ما أطلعت نصر الله عليه وما أعلنه هو على لسانك بالحرف: «يا سيد في شهر كذا أو شهر كذا سيصدر قرار ظني يتهم أفراداً من حزب الله، وهؤلاء جماعة ليسوا منضبطين (...) وهم الذين قاموا بهذا الموضوع». وفي ظني أن نصر الله يسجل كل اللقاءات، وأنه لم يكذب. كما لم يشأ، بترفع وإباء أن يرد على نواب «المستقبل»، ويكذّبك يا بني، لأنك ابن الشهيد رفيق الحريري. وأتمنى أن تكون فهمت وتعلمت، راجياً ألا يتم ذلك على حساب الوطن
.
والآن ما العمل قبل خراب البصرة، ورفض «حزب الله» القرار الظني، وكذلك رفضه تسليم أي عنصر من الحزب إلى المحكمة، وخصوصاً بعد ما تردد أن الجيش سيرفض أي طلب يقدم إليه لاعتقال المطلوبين من «حزب الله»؟
نصيحتي لك أن توقف الأبواق المحيطة بك، وأن تتوجه مباشرة إلى مقابلة الأمين العام للحزب، وتعتذر له عمّا صدر عن نواب في «المستقبل» من تكذيب له في موضوع الاتهام، مؤكداً ثقتك به وبالحزب، مع وعد بالتعاون معه من أجل الوصول إلى الحقيقة، وقبول القرار الظني إذا كان مستنداً إلى وقائع أكيدة وموثقة، والتسليم بما تقرّره المحكمة والمعاونة في تنفيذه.
هكذا يجب أن يتصرف ابن رفيق الحريري، مصراً على الوصول إلى الحقيقة وسوق قتلة والده إلى المحكمة. أما الغفران فلا وجود له في الإسلام، بل هناك الرحمة، فالجأ إليها ولكن بعد إعلان الحقيقة.
ولن يسامح اللبنانيون مَن هرّب المحكمة إلى مجلس الأمن ووضع رقبة لبنان تحت رحمتها. إلا أن هذا الأمر يجب ألا يستمر هكذا، ولا يفيد الحكومة أن تتصرف كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال بينما البلاد على شفير فتنة ويتربص بها العدو الإسرائيلي.
لذلك يجب اتخاذ قرار إجماعي في مجلس الوزراء بملاحقة شهود الزور واستدعاء القضاة اللبنانيين، لا لسحبهم من المحكمة احتجاجاً على التسريب، بل للاطلاع على حقيقة التحقيق والبحث معهم عن مخارج بالتنسيق مع الأمين العام للأمم المتحدة. وهذه وصيتي لك.
ودمت لأبيك الذي يحبك كثيراً
رفيق الحريري»
(طبق الأصل)
Edmond@EdmondSaab.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق